تعتبر الفيزياء من أحد أقدم التّخصصات الأكاديمية، فهي قد بدأت بالبزوغ منذ العصور الوسطى وتميزت كعلم حديث في القرن السابع عشر، وبإعتبار أن أحد فروعها، وهو علم الفلك، يعد من أعرق العلوم الكونية على الإطلاق [3].
وللفيزياء مكانة متميزة في الفكر الإنساني، فهي تأثّرت كما كان لها الأثر الحاسم في بعض الحقول المعرفية والعلمية الأخرى مثل الفلسفة والرياضيات وعلم الأحياء. ولقد تجسدت أغلب التّطورات التي أحدثتها بشكل عملي في عدّة قطاعات من التقنية والطب. فعلى سبيل المثال، أدى التّقدم في فهم الكهرومغناطيسية إلى الانتشار الواسع في استخدام الأجهزة الكهربائية مثل التلفاز والحاسوب؛ و كذلك تطبيقات الديناميكا الحرارية إلى التطور المذهل في مجال المحركات ووسائل النقل الحديثة؛ والميكانيكا الكمية إلى اختراع معدات مثل المجهر الإلكتروني؛ كما كان لعصر الذرة، بجانب أثاره المدمرة، استعمالات هامة في علاج السرطان وتشخيص الأمراض وتوليد الطاقة.
معظم الفيزيائيين اليوم يكونون متخصصين في مجالين متكاملين وهما الفيزياء النظرية أو الفيزياء التجريبية، وتهتم الأولى بصياغة النظريات بإعتماد نماذج رياضية، فيما تهتم الثانية بإجراء الاختبارات على تلك النظريات، بالإضافة إلى إكتشاف ظواهر طبيعية جديدة. وبالرغم من الكم الهائل من الاكتشافات المهمّة التي حققتها الفيزياء في القرون الأربعة الماضية، إلا أن العديد من المسائل لا تزال بدون حلول إلى حد الآن [4]، كما أن هناك مجالات نظرية وتطبيقية تشهد نشاطاً وأبحاثاً مكثّفة.