يعد عالم الفيزياء المسلم كمال الدين الفارسي أول عالم في العالم يقول بنظرية الضوء الموجية وذلك في كتابه تنقيح المناظر لذوي الإبصار والبصائر الذي شرح فيه وهذب كتاب المناظر للعالم ابن الهيثم وقد قال بهذه النظرية في المقالة الأخيرة من كتابه التي عقدها بلواحق كتابه بعنوان: "الضوء"، وقد ذكر أن الضوء يسير في حركة وحركته تجري على نحو حركة الأصوات الموجية لا على نحو حركة الأجسام الانتقالية. وكان فلاسفة المسلمين وعلماؤهم قبل كمال الدين الفارسي قد قالوا بنظرية تموج الصوت ولكنهم لم يتحدثوا عن نظرية تموج الضوء.
وسبق كمال الدين الفارسي بنظريته هذه العالم الفيزيائي الغربي "كريستيان هوينجز" (1039هـ -1629م / 1107 هـ -1695م) في القول بهذه النظرية وهي نظرية لم يقل بها أحد آخر بين هذين العالمين طوال ثلاثمائة عام. وتعطي هذه النظرية تفسيرا لظاهرتي تشتت الضوء وتداخله، وهذا التفسير يذكر أن الضوء يتكون من موجات تسير في خطوط مستقيمة خلال الفراغ نتيجة لذبذبات مستعرضة عمودية على اتجاه انتشار الموجات.
وقد ظلت نظرية الضوء الموجية هي النظرية السائدة إلى أن حلت محلها نظرية هي نظرية ماكسويل (1247 -1297هـ / 1831 -1879م) التي تدخل الضوء المرئي ضمن مجموعة الإشعاعات "الكهرومغناطيسية" بموجات محدودة الطول بين الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية. ثم جاءت بعدها نظرية أخرى لماكس بلانك (1275 -1367هـ / 1858 -1947م) تفسر الضوء بنظرية الكم على أنه نوع من الطاقة الإشعاعية يقذفها الجسم المضيئ على دفعات صغيرة متتالية تسمى "فوتونات" تتوقف على مقدار الجسيمات التي تنتجها. وقد جمعت هذه النظرية بين نظرية الضوء الموجية لكل من كمال الدين الفارسي ثم كريستيان هوينجز، ونظرية نيوتن (1053 -1140هـ / 1643 -1727م) التي تقول بأن الضوء ينتشر في جسيمات.